الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القتل الخطأ بحادث سير أو بغيره يترتب عليه أمران: وجوب الكفارة على المتسبب، ووجوب الدية المخففة على العاقلة وهو كفرد منهم، إذا لم يحصل عفو عنها من الورثة. والكفارة هي كما قال الله تعالى: وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}، ولذلك لا يجب صوم شهرين متتابعين إلا على من لم يجد رقبة مؤمنة، وبما أن وجودها متعذر اليوم فإن الصوم متعين. وإذا كان السائق قد أخذ بأسباب السلامة من تأكده من القدرة على تسيير المركبة، وعدم الإحساس بالنوم أو الإرهاق غير المعتاد، وتفقد السيارة، وعلم صلاحها للاستعمال، ولم يتجاوز حد السرعة المسموح به من قبل أهل الاختصاص، ولم يخرج عن مساره المحدد له، ولم يستطع وقت وقوع الحادث تلافي ما وقع من الضرر، فإنه لا دية عليه ولا كفارة، وإذا عمل ما في وسعه وفاجأته غفوة ولم يحس بها من قبل فلا شيء عليه؛ لأن الله تعالى (لا يكلف نفساً إلا وسعها).
أما إذا فرط في شيء من ذلك أو تجاوز حد السرعة، أو غفا بعد أن شعر بالنعاس ولم يتوقف فإن الدية والكفارة واجبتان عليه، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في أكثر من فتوى، انظر الفتوى رقم: 2152.
والله أعلم.