الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته تحايل ودفع رشوة محرمة لموظفي الجمارك لتزوير الأوراق وتمرير ذلك التحايل وهو أمر محرم، وأما التخليص في حد ذاته فهو عمل جائز، وعليه فما أخذته من أجر مقابله لا حرج فيه، وأما ما كان مقابل قيامك بدفع الرشوة فهو محرم لكون العمل ذاته محرما، ويستوى الآمر به والمباشر له في الإثم لتعاونهما عليه، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
فيلزمك التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة ودفعه إلى الفقراء والمساكين، ولا يجوز لك الانتفاع به في خاصة نفسك أوعيالك إلا إذا كنت فقيرا محتاجا إليه .
قال النووي في المجموع نقلا عن الغزالي: وله أن يتصدق به أي بالمال الحرام على نفسه وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيه، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضا فقير. انتهى.
فإذا تخلصت من قدر الحرام فقد فعلت ما هو مطلوب منك شرعا مع التوبة إلى الله عز وجل والعزم على عدم العود لمثل هذا الذنب.
قال ابن تيمية في الفتاوى: المال المأخوذ بوجه محرم إذا خلط بمال حلال فالواجب أن يخرج من ذلك القدر المحرم وقدر ماله حلال له .
وقال ابن العربي في تفسيره أيضاً: فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده، فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له.
والله أعلم.