الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يكن للميت المذكور غير من ذكر من الأقارب فإن تركته تقسم على النحو التالي:
لابنتيه الثلثان فرضا لتعددهما وعدم وجود معصب لهما في درجتهما قال الله تعالى: فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11}. وقال صلى الله عليه وسلم: أعط ابنتي سعد الثلثين... الحديث. رواه الحاكم وغيره وصححه ووافقه الذهبي.
وما بقي بعد فرض البنات فهو لإخوته الأشقاء تعصيبا للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:176}
ولا شيء لابن الأخ لأنه محجوب بالأشقاء حجب حرمان، ويستحب لأهل التركة أن يرزقوه منها لقول الله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:8}
وأما الوصية التي تركها الميت وكتب فيها شقة باسم بناته فلا تصح لأنها وصية لوارث ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
إلا إذا أجاز هذه الوصية بقية الورثة، ولذلك فإذا أمضى أشقاء الميت هذه الوصية صحت بشرط كون الأشقاء رشداء بالغين، وإلا فإن على البنات أو ورثتهن أن يردوا هذه الشقة إلى عموم التركة إن كانت لم تقسم، أو يردوا ثلثها إلى الإخوة أو ورثتهم إن كانت قد قسمت. هذا إذا كانت وصية فعلا ومتوقفة على موته، أما إذا كانت هبة وتمت بشروطها من الحوز لها ورفع يده عنها. فإنها تعتبر ملكا خاصا بالبنات، ولا تقسم مع التركة.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.