الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدعاء الله تعالى والتوسل إليه عبادة من أجل العبادات، ومبنى العبادات كلها على التوقيف، وقد دلت النصوص على أنه يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، وكذا يتوسل إليه بالعمل الصالح وبدعاء الصالح الحي، وأما التوسل ببركة الأشخاص أو جاههم ومنزلتهم عند الله تعالى فلم يدل عليه دليل، سواء كان هذا المتوسل ببركته نبيا أو صحابيا أو عالما أو عابدا فلا يشرع التوسل بشيء من ذلك كله، وإنما يقتصر في هذا الباب على ما دلت عليه النصوص سدا لذرائع الغلو وإغلاقا لباب الإحداث في الدين.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: التوسل بجاه فلان أو ببركة فلان أو بحق فلان بدعة وليست من الشرك, فإذا قال : اللهم إني أسألك بجاه أنبيائك أو بجاه وليك فلان أو بعبدك فلان أو بحق فلان أو بركة فلان فذلك لا يجوز وهو من البدع ومن وسائل الشرك ؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة فيكون بدعة , والله سبحانه وتعالى يقول : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }. ولم يقل ببركة فلان أو جاه فلان, وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. فالتوسل يكون بأسماء الله وبصفاته وبتوحيده كما جاء في الحديث الصحيح : « اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ». ويكون أيضا بالأعمال الصالحة, كسؤال أهل الغار لما انطبقت عليهم الصخرة ولم يستطيعوا الخروج, سألوا ربهم, أحدهم سأل ببر الوالدين , والثاني : سأل بعفته عن الزنا, والثالث سأل بأدائه الأمانة, ففرج الله عنهم, فدل ذلك على أن التوسل بالأعمال الصالحة كأن يقول : اللهم إني أسألك بصحبتي لنبيك صلى الله عليه وسلم, أو باتباعي شرعك, أو بعفتي عما حرمت علي, أو نحو ذلك, توسل شرعي وصحيح. انتهى.
والله أعلم.