الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكلام الذي ذكره لك صديقك هذا غير صحيح ، فإن هذه المسافة التي تفصلك عن المدينة لا تعد سفرا، فإن مذهب الجمهور أن المسافة المعتبرة لما يعد سفرا تقصر وتجمع الصلاة فيه هو أربعة برد أي ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا تقريبا، ومن العلماء من يضبط هذه المسافة بالعرف أي ما يسمى في عرف الناس سفرا يكون هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة ويجمع فيه بين الصلاتين.
ويبعد جدا حتى على هذا القول أن تكون تلك المسافة اليسيرة مما يسمى في العرف سفرا، وعليه فلا يجوز لك قصر الصلاة الرباعية ولا الجمع بين الصلاتين لأنك لا تعد مسافرا، وهذا كله على تقدير أن المكان الذي تعمل فيه خارج حدود البلد.
وأما صلاة الجمعة، فإن كان هذا المكان الذي تعمل فيه داخل حدود البلد فالجمعة واجبة عليك بكل حال، وأما إن كان خارج حدود البلد، فإن كان بينك وبين المسجد فرسخ فأقل لزمتك الجمعة، والفرسخ يزيد على خمسة كيلومترات بيسير، وإن كانت المسافة بينك وبين المسجد أكثر من فرسخ فلا جمعة عليك وهذا هو قول الحنابلة، وضبط بعض العلماء الوجوب بما إذا كان يمكنك سماع النداء في الأحوال العادية، وانظر للفائدة حول هذه المسألة الفتوى رقم: 116733.
وإذا سقطت عنك الجمعة فإنك تصليها في وقتها ظهرا، وأما الجماعة فإن كانت المسافة بينك وبين المسجد بعيدة كما ذكرت فلك عذر في ترك الجماعة لما في إلزامك بشهودها والحال ما ذكر من الحرج الذي رفعه الله تعالى عن عباده، وإذا أمكنك أن تصلي جماعة مع بعض زملائك في العمل فإن ذلك يلزمك، وإن لم يمكنك إلا أن تصلي منفردا فصل منفردا فلا إثم عليك إن شاء الله، ولا تؤخر الظهر عن وقتها، قال الشيخ العثيمين: إذا كان في عمل كما قال السائل لا يمكن معه أن يذهب إلى الصلاة في المسجد فليصل جماعة في مكانه مع إخوانه وزملائه لقول الله تعالى (فاتقو الله ما استطعتم) وقوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج). انتهى.
والله أعلم.