الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الدكتور عبد الرّحمن المحمود: عقيدة الطحاوي تلقاها العلماء بالقبول، حتى قال فيها تاج الدين السبكي - وهو شافعي أشعري جلد: وهذه المذاهب الأربعة - ولله الحمد - في العقائد واحدة، إلا من لحق منها بأهل الاعتزال والتجسيم، وإلا فجمهورها على الحق يقرون عقيدة أبي جعفر الطحاوي، التي تلقاها العلماء سلفا وخلفا بالقبول. اهـ
وقد اشتهرت هذه العقيدة التي كتبها الطحاوي وشرحها كثيرون، ولكن غالبية هؤلاء كانوا على مذهب الماتريدية، ولذلك فقد أولوا عبارات الطحاوي وشروحها على وفق مذهبهم، ونقلوا في هذه الشروح أقوال أئمة الماتريدية، بل ردوا على الأشعرية عند شرحهم للمسائل التي خالفوهم فيها. وقد قيض الله لهذه العقيدة من يشرحها على وفق مذهب السلف- رحمهم الله وهو الإمام علي بن علي بن أبي العز الحنفي. اهـ.
وقال الشيخ أبو إبراهيم الرئيسي الحنفي في (براءة الحنفية من الفرق البدعية): إن جمهور العلماء تلقوا عقيدة الطحاوي بالقبول. قال السبكي الشافعي: "جمهور المذاهب الأربعة على الحق، يقرون عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفا وخلفا بالقبول.
وقال الناصري الحنفي: إن كتاب العقائد الذي رواه أبو جعفر الطحاوي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد هو الذي اعتمد عليه أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم.
وقال أبو المعين النسفي: إن أبا جعفر الطحاوي ممن احتوى على علوم سلف الأئمة على العموم، وعلى علوم أبي حنيفة وأصحابه على الخصوص.. اهـ.
وراجعي الفتويين: 130021، 54581.
وهذا لا يمنع أن يكون هناك بعض المسائل القليلة محل نظر وتفصيل من ناحية موافقتها لمذهب أهل السنة، كمسألة الإيمان.
قال الشيخ جماز بن عبد الرحمن الجماز في كتابه (الإبحار في جمع الأسفار): «عقيدة أهل السنة والجماعة» لأبي جعفر الطحاوي. متن محكم، ورسالة مختصرة، غزيرة النفع، ضمّنها ما يحتاج المكلَّف إلى معرفته واعتقاده. من أصول الاعتقاد ومسائله المهمة، على وجه الإيجاز، بأسلوب سهل وميسر. وهي سلفية المنهج، باستثناء مسائل يسيرة. وهي غير مرتّبة، بل أورد الموضوع الواحد في مواطن متفرّقة. وقد تلقّاها العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول والرضا، ونالت شهرة واسعة، وإعجاباً عند أهل السنة على اختلاف مذاهبهم الفقهية، فتناولوها بالشرح والبيان. اهـ.
والله أعلم.