الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكذب قد تواترات النصوص بتحريمه، وأفحش أنواع الكذب ما يكون في القسم ـ وهو اليمين الغموس ـ ولاسيما إن كان في شهادة عند القاضي.
فهذا هو الأصل، وقد يحصل من الأحوال ما يكون موجبا للخروج عنه، ومن ذلك أن يقع ظلم على مسلم يتضرر به ويوقعه في الحرج والمشقة، ولا يوجد من الوسائل ما يدفع به هذا الظلم إلا بمثل هذه اليمين، فلا حرج عندئذ أن يكذب في يمينه لدفع هذا الظلم عن أخيه المسلم.
وعليه حينئذ أن يلجأ إلى التعريض ما أمكن، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 110634، 41794، 27641، 117616.
وعلى ذلك، فإن كان السائل على يقين تام بأن هذا المسجون قد سجن ظلما، فلا حرج عليه في هذه اليمين ـ إن شاء الله تعالى ـ ما دام ذلك قد تعين لرفع هذا الظلم ولا يوجد سيبل غيره، فعن سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، فخلى سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، قال: صدقت، المسلم أخو المسلم. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.