الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت تشكين في قضاء ما عليك من أيام، فالأصل أن ذمتك لم تزل مشغولة بها، فيجب عليك قضاؤها، لأن من شك في فعل الواجب فالأصل أنه لم يفعله ولا تبرأ الذمة منه إلا بحصول اليقين بفعله، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في من شكت في قضاء ما عليها من أيام: وأما من علمت أن عليها صوم يوم أو أكثر، ولكنها شكت هل صامته أم لا؟ فإنه يجب عليها أن تصومه، لأن الأصل بقاؤه. انتهى.
إلا إذا كنت كثيرة الشكوك بحيث يصل ذلك إلى حد الوسوسة، فإنك لا تلتفتين إلى هذا الشك، وقد سئل الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ قولكم، أو قولهم: الأصل عدم فعل هذا الواجب ـ نريد تفسيراً له؟ فأجاب بقوله: يعني مثلاً الإنسان شك هل جلس للتشهد الأول وتشهد؟ أم لم يجلس؟ فهل الأصل الجلوس ـ أنه جلس ـ وإلا الأصل عدم الجلوس؟ طبعاً إذا شككنا في وجود شيء أو عدمه، فالأصل العدم، وعلى هذا فالأصل عدم الجلوس فيسجد. ولكن نلاحظ أنه إذا كان الإنسان كثير الشكوك فإنه لا يعتبر هذا الشك، لأن كثرة الشكوك تؤدي إلى الوسواس فإذا أعرض عنها الإنسان وتركها فإن ذلك لا يضره، لأن الشك لا يعتبر إذا كثرت الشكوك مع الإنسان ـ لا في صلاته ولا في وضوئه. انتهى.
وإذا علمت أن قضاء هذه الأيام المشكوك في قضائها واجب عليك لتبرأ ذمتك منها بيقين، فإن الواجب على من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر أن يطعم عن كل يوم أخر قضاءه مسكينا، ولكن نص كثير من العلماء على أن النسيان عذر تسقط به الفدية، قال ابن حجر في التحفة: قال الأذرعي: لو أخره ـ أي القضاء ـ لنسيان أو جهل، فلا فدية كما أفهمه كلامهم. انتهى.
فالواجب عليك ـ إذن ـ هو قضاء تلك الأيام ولا تلزمك فدية.
والله أعلم.