الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات ـ ولو كان بغرض الزواج ـ باب للفتنة وذريعة للفساد، وإنما المشروع لمن أراد الزواج من امرأة أن يخطبها من وليها، وتظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، وانظر الفتوى رقم: 1769.
لكن ما وقعتما فيه من خطإ لا يمنع من زواجك بتلك الفتاة إن كانت ذات دين، كما أنه من المعلوم أنه مهما أذنب العبد ثم تاب فإن الله يتوب عليه، والتوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجة، وحسنه الألباني
فالذي ننصحك به ـ إن كانت تلك الفتاة ذات دين ـ أن تسعى لإقناع والدك بزواجك منها، فإن أصر والدك على الرفض فلتنصرف عنها ولتبحث عن غيرها، ما لم يكن عليك ضرر في ترك الزواج بها، فإنّ طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة بعينها، ولا سيما إذا كان رفض الوالد لها له ما يبرره، وتراجع الفتوى رقم: 93194.
أما عن رغبة والدك في زواجك بإحدى قريباتك: فإن كانت صالحة ووجدت في نفسك قبولا لها، فزواجك بها أولى. وأما إذا كانت تلك القريبة غير صالحة أو لم تجد في نفسك قبولا لها، فلا يلزمك طاعة والدك في الزواج منها، قال ابن تيمية: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَةً سَاعَةً وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ.
لكن عليك في كل الأحوال بر والدك والإحسان إليه، فإن حقه عليك عظيم.
والله أعلم.