الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الدم الذي يختلط بالماء عند غسل الدجاج هو الدم المسفوح الذي سال عند الذبح، فإنه نجس، قال النووي: والدلائل على نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافا عن أحد من المسملين إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال: هو طاهر ـ ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع والخلاف، على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول. انتهى.
وإذا علم كون هذا الدم نجسا، فإنه ينجس الماء إذا وضع فيه، وكذلك ينجس ما صب عليه من الماء إذا تغير به فيجب التحرز عن هذا الماء المتنجس وتطهير الثياب منه إذا أريدت الصلاة فيها، ولتراجع الفتوى رقم: 112386، إلا إن كان ما يصيب الثياب منه يسيرا يعفى عنه، فإنه لا يجب تطهيره، وقد بينا ما يعفى عنه من النجاسات في الفتوى رقم: 134899.
وأما إن كان هذا الدم مما يتبقى في العروق، فإنه لا يجب غسل اللحم منه، ولتراجع الفتوى رقم: 23097، وما يتبقى من الدم في العروق، فمعفو عنه، كما بينا في الفتوى رقم: 77954، بل قد صرح بعض أهل العلم بطهارة ما يتبقى في عروق الذبيحة بعد ذبحها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: الدم المسفوح الذي نهينا عن أكله هو الذي يخرج من الحيوان في حال حياته مثل ما كانوا يفعلونه في الجاهلية ـ كان الرجل إذا جاع فصد عرقاً من بعيره وشرب دمه ـ فهذا هو المحرم، وكذلك الدم الذي يكون عند الذبح قبل أن تخرج الروح هذا هو الدم المحرم النجس، ودلالة القرآن عليه ظاهرة في عدة آياتٍ من القرآن.
أما الدم الذي يبقى في الحيوان الحلال بعد تذكيته تذكيةً شرعية: فإنه يكون طاهراً حتى لو انفجر بعد فصده، فإن بعض العروق يكون فيها دمٌ بعد الذبح وبعد خروج الروح بحيث إذا فصدتها سال منها الدم، وهذا الدم حلالٌ وطاهر، وكذلك دم الكبد ودم القلب وما أشبهه كله حلالً وطاهر. انتهى.
وأما دم السمك: فمختلف فيه بين العلماء، وقد أوضحنا خلافهم مفصلا في الفتوى رقم: 42742، والأحوط ـ بلا شك ـ التنزه عن هذا وغسله، وبخاصة إذا كان كثيرا مما لا يعفى عنه.
والله أعلم.