الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى أن المصاب بالحدث الدائم ـ الريح أو البول ـ وكان بحيث لا يجد وقتاً يتسع للطهارة والصلاة، فإنه يتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها ثم يصلي ولا يضره ما خرج منه أثناء الصلاة ويصلي ما شاء من النوافل إلا إذا انتقض وضوؤه بغير حدثه الدائم، فإنه يعيد الوضوء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن لم يمكنه حفظ الطهارة مقدار الصلاة، فإنه يتوضأ ويصلي ولا يضره ما خرج منه في الصلاة، ولا ينتقض وضؤوه بذلك باتفاق الأئمة، وأكثر ما عليه أن يتوضأ لكل صلاة.
انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الأصل أن خروج الريح ينقض الوضوء، لكن إذا كان يخرج من شخص باستمرار وجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة عند إرادة الصلاة، ثم إذا خرج منه وهو في الصلاة لا يبطلها وعليه أن يستمر في صلاته حتى يتمها، تيسيراً من الله تعالى لعباده، ورفعاً للحرج عنهم، كما قال تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ.
وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.
انتهى.
وعليه، فإنك تتوضأ لصلاة العشاء بعد دخول وقتها ثم تصلي العشاء وما يتبعه من راتبة وتراويح ولا يضرك ما خرج منك، ولا يلزمك تجديد الوضوء لقيام الليل بعد انتصاف الليل إن لم يوجد منك حدث غير حدثك الدائم على ما رجحه الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فقد سئُل الشيخ عن امرأة مستحاضة: هل يجوز لتلك المرأة أن تصلي قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء؟ فأجاب قائلاً: هذه المسألة محل خلاف، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا انقضى نصف الليل، وجب عليها أن تجدد الوضوء، وقيل: لا يلزمها أن تجدد الوضوء وهو الراجح.
انتهى من مجموع فتاواه.
والله أعلم.