الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فضل عظيم ينبغي المحافظة عليه وألا يفوته الإنسان على نفسه، وإن كان انصرافه قبل انصراف الإمام جائزا لا إثم فيه، ثم إن أراد المأموم أن يصلي بعد صلاته مع الإمام وأن يحصل هذا الفضل المذكور في الحديث فهو بين أمرين، إما أن يوتر مع إمامه ثم يصلي بعد ما شاء ولا يوتر مرة أخرى، وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يفعل هذا.
جاء في المغني: قال أبو داود سمعت أحمد يقول : يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته ]. قال وكان أحمد يقوم مع الناس ويوتر معهم قال الأثرم وأخبرني الذي كان يؤمه في شهر رمضان أنه كان يصلي معهم التراويح كلها والوتر قال وينتظرني بعد ذلك حتى أقوم ثم يقوم كأنه يذهب إلى حديث أبي ذر : إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته. انتهى.
وإما أن يشفع وتر إمامه فيصلي ركعة ثانية بعد سلام الإمام يشفع بها صلاته ويصلي بعد ذلك ما شاء ويوتر في آخر ليله، وقد أجاز الحنابلة هذا وإن كانوا نصوا على أن من له تهجد بالليل فإنه ينصرف قبل إيتار إمامه، والأمر في هذا واسع إن شاء الله.
قال في كشاف القناع: فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده ) استحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. متفق عليه. ( وإلا ) أي وإن لم يكن له تهجد ( صلاها ) أي الوتر مع الإمام لينال فضيلة الجماعة ( فإن أحب ) من له تهجد ( متابعة الإمام ) في وتره ( قام إذا سلم الإمام فشفعها ) أي ركعة الوتر ( بأخرى ) ثم إذا تهجد أوتر فينال فضيلة متابعة الإمام حتى ينصرف وفضيلة جعل وتره آخر صلاته. انتهى.
والله أعلم.