الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشرك المخرج من الملة يوجب الخلود في النار إذا مات عليه صاحبه، لقوله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ.
{ المائدة: 72 }.
ولقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ. { البينة: 6 }.
وأما السحر: فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى تكفير فاعله، لقوله تعالى: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ.
{ البقرة: 102 }.
وذهب آخرون إلى التفصيل فيه.
وأما الكبائر والموبقات الباقية: فلا تستوجب الخلود في النار، كما قال الطحاوي: وأهل الكبائر في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون.
وقال شيخ الإسلام: ومذهب أهل السنة والجماعة: أن فساق أهل الملة ليسوا مخلدين في النار كما قالت الخوارج والمعتزلة.
انتهى.
وأما الخلود المذكور في آية الربا: فهو محمول على من كفر باستحلال الربا، فقال إنما البيع مثل الربا إذا عاد لمثل هذا القول على أحد التفسيرين في الآية، وأما على التفسير الثاني الذي فسر العود في الآية بالعود إلى أكل الربا والتعامل به: فإنه يحمل الخلود على المكث الطويل ولا يحمل على الخلود الأبدي، لما في الأحاديث الصحيحة من خروج الموحدين من النار، كما في حديث الصحيحين: يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير.
وراجع تفسير ابن حيان وتفسير الشوكاني.
وأما التوبة: فإنها تقبل من الكافر وغيره، لقوله تعالى: قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ.
{ الأنفال: 38 }.
ولقوله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
{ المائدة: 39 }.
والله أعلم.