الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يحل للزوج من مال زوجته إلا ما طابت به نفسها، وأن أخذ مالها بغير حق أكل للمال بالباطل، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 32280، والفتوى رقم: 48487.
وأما مسألة قبول صلاته وصيامه فهذه إلى الله، ولكنا نحذر كل من يأكل الحرام من تعريض أعماله الصالحة للرد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم. وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك. رواه مسلم.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: من أعظم ما يحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب مطعمه، وأن يكون من حلال، فبذلك يزكو عمله. وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال، وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله، فإنه قال بعد تقريره: إن الله لا يقبل إلا طيبا. إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالا فالعمل صالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولا؟ وما ذكره بعد ذلك من الدعاء، وأنه كيف يتقبل مع الحرام، فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام. انتهى.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 65327.
وقال الشيخ ابن باز: أسباب عدم قبول الأعمال متنوعة، أعظمها وأخطرها: الشرك بالله وأنواع الكفر بالله فإنها تبطل الأعمال كلها، صاحبها حابط العمل.. ومنها: أكل الحرام، كونه يتعاطى الحرام، الكسب الحرام، من الربا أو السرقات أو النهب أو الخيانات.. انتهى.
والله أعلم.