الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نهنئك على ما وفقك الله له من الطاعات ـ كالحج والعمرة والزكاة وبر الوالدين، وعلى الانتباه للأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها، وعزمك على التوبة منها وانتظامك مؤخرا في الصلاة والصوم والذكر والاستغفار ـ فالحمد لله على ذلك، وعليك بصدق العزم على التوبة وحمل النفس على الاستقامة والبعد عن نزغات الشيطان والأجواء والبيئات التي تساعد على الوقوع في المعاصي، فابحث عن صحبة صادقة مؤمنة تذكرك بالخير وتعينك عليه، وارتبط بالمساجد، وأكثر من مطالعة أحاديث الترغيب والترهيب، واعلم أن التوبة والدعاء تعهد الله تعالى بقبولها فقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى: 25 }. وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. {غافر: 60 }.
فتب إلى الله تعالى مع العزم الصادق على عدم العودة، والندم على ما فات، وأكثر من الاستغفار والعمل الصالح، فقد قال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {المائدة: 39 }. وقال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً. {النساء: 110}.
وأما الصلوات التي فاتتك والأيام التي لم تصمها فيجب عليك قضاؤها عند الجمهور، ويرى كثير منهم أنها تقدم على النوافل إلا الوتر والفجر، وقد قدمنا الكلام على ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 121796، 126811، 12700.
كما أن الأموال التي أخذتها يجب ردها لأصحابها، لما في حديث المسند: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. ولا حرج عليك في رده من دون إعلام للمأخوذ منه أنك سرقت منه.
وحاول أن تتكسب وتجتهد في الادخار لتجمع من المال ما تقضي به هذه الحقوق، فإن الذمة لا تبرأ منها إلا بردها لأصحابها، أو استحلالهم منها، وإذا علم الله منك صدق التوبة فإنه سيعينك، واستعن بأدعية قضاء الدين فقد قدمنا بعضها في الفتوى رقم: 33345.
وأما أكل الحرام: فهو من أسباب عدم الاستجابة، كما في حديث مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ـ ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ـ فأنى يستجاب لذلك!.
ولكننا نرجو لمن تاب توبة صادقة مما سبق أن يتوب الله عليه، وأن يستجيب دعاءه؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
والله أعلم.