الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنتم تملكون ليلة العيد ويومه ما يفضل عن كفايتكم بمقدار ما تخرجون به زكاة الفطر فقد كان يلزمكم إخراجها، وسواء كان ما تملكونه مما تأخذونه من الإعانة أو من تلك المخصصات المذكورة ما دام قد دخل في ملككم، وإن لم تجدوا إلا ما تخرجون به بعض الفطرة لزمكم إخراجه لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وأما إن كنتم لا تملكون ما يفضل عن كفايتكم ليلة العيد ويومه فلا تجب عليكم زكاة الفطر.
قال الشيرازي في المهذب: ولا تجب إلا على من فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته وقت الوجوب ما يؤدى في الفطرة، فإن لم يفضل عن نفقته شيء لم تلزمه لأنه غير قادر فإن فضل بعض ما يؤديه ففيه وجهان. وفي المنهاج للنووي: ولا فطرة على كافر... ولا معسر فمن لم يفضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه شيء فمعسر،...
والأصح أن من أيسر ببعض صاع يلزمه وأنه لو وجد بعض الصيعان قدم نفسه، ثم زوجته، ثم ولده الصغير، ثم الأب، ثم الأم، ثم الكبير.
وفي زاد المستقنع: تجب على كل مسلم فضل له يوم العيد وليلته صاع عن قوته وقوت عياله وحوائجه الأصلية. انتهى.
فإذا تبين لك هذا فإن كنتم قد فرطتم في إخراج زكاة الفطر حيث وجبت عليكم فهي دين في ذمتكم فلا بد من المبادرة بدفعها للمستحقين مع التوبة إلى الله تعالى من تأخيرها عن وقتها، فإن تأخير زكاة الفطر عن يوم العيد محرم.
قال في منار السبيل: ويحرم تأخيرها عن يوم العيد مع القدرة لأنه تأخير للحق الواجب عن وقته، ويقضيها من أخرها لأنه حق مالي وجب فلا يسقط بفوات وقته كالدين قاله في الكافي. انتهى.
والله أعلم.