الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن توفيت عن زوج وابن وابنتين ولم تترك وارثا غيرهم، فإن لزوجها الربع ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.
{ النساء: 12}.
والباقي بين الابن والبنتين ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
{ النساء: 11 }.
والأصل أن تقسم التركة على ستة عشر سهما، للزوج منها أربعة أسهم، ولكل بنت ثلاثة، وللابن ستة, ولكن إذا كان الزوج تنازل عن نصيبه لأولاد زوجته على أن يقسم بينهم بالسوية، فهذه هبة صحيحة ماضية, فتقسم تركة المتوفاة ـ حينئذ ـ على ثمانية وأربعين سهما, للابن منها اثنان وعشرون سهما, ولكل بنت ثلاثة عشر سهما، وانظري الفتوى رقم 97300عن شروط صحة التنازل عن الميراث, وجوابنا عن بقية الأسئلة يتلخص فيما يلي:
أولا: سؤالك عن أي زمن تقدر فيه قيمة التركة: فالتركة بعينها ـ قبل أن تقسم ـ ملك للورثة جميعا, فإذا أراد الورثة قسمتها قسمت عينها بينهم, وإن لم يمكن، أو أراد بعضهم أن يشتري من نصيب الآخر قدرت بقيمتها زمن البيع لا زمن الوفاة، لأنها لم تخرج عن ملك الوارث ـ بائعها ـ إلا عند البيع.
ثانيا: الزكاة تجب في نصيب كل وارث وحده إذا بلغ نصيبه نصابا ـ بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارة، أو ذهب، أو فضة غير حلي معد الاستعمال ـ وحال عليه الحول, وليس في مجموع ملك الورثة بل كل وارث ينظر فيما عنده، فمن بلغت حصته منهم نصاباً، أو كان عنده من المال يوم وفاة مورثه ما لو أضيف إلى حصته صار نصاباً، فإن الزكاة تلزمه بعد سنة من ملكيته النصاب، ومن لم يحصل له نصاب، فإن الزكاة لا تلزمه، وانظري ذلك في الفتوى رقم: 4202.
ثالثا: وتجب الزكاة عن كل السنين الماضية ـ من زمن الوفاة ـ إن توافر في نصيب الوارث شروط الزكاة.
رابعا: لا يجوز تأخير قسمة التركة شرعا لمجرد كون بعض الورثة صغارا, وانظري الفتويين رقم: 78921ورقم: 97117عن شروط تأخير قسمة التركة.
خامسا: الأصناف التي تجب فيها الزكاة من التركة: هي النقود والذهب والفضة غير حلي الزينة ـ وأما الأرض والسيارة: فلا زكاة فيها, ولا زكاة في المقتنيات المنزلية ـ كالثلاجة ونحوها والأثاث والملابس ـ وهذا محل اتفاق بين العلماء، فلا تجب فيها الزكاة ـ لا مرة واحدة ولا أكثر ـ ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة.
متفق عليه.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح صحيح مسلم عند الكلام على هذا الحديث: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها وأنه لا زكاة في الخيل والرقيق إذا لم تكن للتجارة، وبهذا قال العلماء كافة ـ من السلف والخلف ـ وقال الوزير ابن هبيرة أجمعوا على أنه ليس في دور السكن وثياب البذلة وأثاث المنزل ودواب الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة. اهـ.
سادسا: إذا توافرت شروط الزكاة في مالك وجب عليك إخراجها، ولا يجوز تأخيرها بحجة أنه ليس لك إلا دخل محدود, والزكاة واجبة على الفور، كما بيناه في الفتوى رقم: 125624
سابعا: إذا أردتم أن تشتركوا في إكمال بناء البيت، فإن نصيب كل واحد منكم في البيت يكون بقدر ما دفعه في بنائه، فمن دفع نصف قيمة البناء فله النصف، ومن دفع الثلث فله الثلث، وهكذا.
والله أعلم.