الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة خطاب عقاب، فهم كما يأثمون ويعاقبون في الآخرة على كفرهم بالله تعالى يعاقبون كذلك على ترك الأوامر وفعل النواهي، ودلائل ذلك كثيرة، قال النووي رحمه الله: ثم اعلم أن المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور به والمنهي عنه، هذا قول المحققين والأكثرين. انتهى.
وبه تعلم أنك أخطأت في سقيك هؤلاء الكفار لأنك بذلك أعنتهم على منكر، وإن كنا لا نتعرض لهم إذا أفطروا في نهار رمضان ما لم يظهروا ذلك فإنهم يمنعون من إظهار ما فيه أذية للمسلمين، وكان في وسعك أن تخبرهم بأن الشرع ينهاك عن معونتهم على الفطر في نهار رمضان، وإذ قد فعلت فنرجو أن تكون معذورا بجهلك بالحكم، وهاك من كلام العلماء ما يبين لك ما ذكرناه.
جاء في حواشي التحفة: ويؤيد ذلك ما صرحوا به من حرمة بيع الطعام للكافر في نهار رمضان مع أنا لا نتعرض له إذا وجدناه يأكل أو يشرب. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ( و ) يمنعون أيضا من إظهار ( أكل وشرب في نهار رمضان ومن إظهار بيع مأكول فيه كشوي ذكره القاضي ) لما فيه من المفاسد. انتهى.
وجاء في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: ومن ثم أفتى شيخنا الرملي رحمه الله بأنه يحرم على المسلم أن يسقي الذمي في رمضان بعوض أو غيره لأن في ذلك إعانة على معصية. انتهى.
والله أعلم.