الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعهد بالصيغة التي ذكرتها السائلة إن كانت تلفظت بها ولو بصوت منخفض، فإنه يعتبر نذرا ويمينا منعقدا، بخلاف ما إذا كان ذلك مجرد نية وعزيمة دون تلفظ، أو وقع الشك بين التلفظ وعدمه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 11044، والفتوى رقم: 113956.
وأما الاستثناء الذي في هذا العهد لأيام التعب وإذا لم يأذن الزوج ـ فهو استثناء صحيح معتبر، ما دام ذلك كان متصلا بالكلام، وكنت قد نويته قبل الفراغ منه. وراجعي في ذلك الفتويين: 65900، 64013. وعلى ذلك فلا قضاء ولا كفارة لما أفطرته لأحد هذين السببين.
وأما بخصوص أيام الحيض فهي مستثناة بحكم الشرع، فلا يشرع صيامها أصلا، ولذلك فإنا نقطع أن السائلة لم تقصد دخولها في نذرها أصلا، على أننا نلفت نظر السائلة إلى أنها لو لم تستثن ولم تشترط هذا الشرط ثم أفطرت في أيام نذرها بعذر كالمرض والحيض والنفاس والسفر فإنه لا يلزمها قضاء هذه الأيام.
قال الإمام مالك في (المدونة): إن نذرت صوم الخميس والإثنين فحاضت فيهن أو مرضت فلا قضاء عليها. اهـ.
وهو ما درج عليه خليل في المختصر فقال: إلا المعين لمرض أو حيض أو نسيان. والمعنى أن النذر المعين إذا أفطر فيه لعذر كمرض أو حيض أو إغماء أو إكراه فإنه يفوت بفوات زمنه ولا قضاء عليه. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 128817.
وأما بخصوص جواب السؤال الثالث فالذي يظهر لنا أن الوفاء بهذا النذر لا يبتدئ بمجرد إخبار الطبيبة، لأنه ـ من ناحية ـ ليس قطعيا، فاحتمال الخطأ وارد عليه. ومن ناحية أخرى فإن العرف جار في مثل هذه الأمور أن معرفة ما في الرحم إنما يحصل بالولادة نفسها، ويتأكد هذا بالقيد الذي ذكرته السائلة في نذرها وهو قيد السلامة في قولها: ( إن كان ما في رحمي ذكرا سليما ) فإن هذا لا يتحقق إلا بعد الولادة.
ثم لتعلم السائلة أنها إن عجزت عن الوفاء بنذرها فعليها كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم. وراجعي الفتوى رقم: 94446.
والله أعلم.