الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الأمر يختلف بحسب الحال، فإن كان السائل لما مر به هذا الموقف وأدرك قلة علمه بأمور دينه، علت همته وتوجه بقصده إلى تعلم هذا العلم، لينفع نفسه ويزيل عنها الجهل ويحسن التقرب إلى الله تعالى، ثم ينفع من حوله من المسلمين، فهذه نية صالحة وصاحبها محسن.
وأما إن كان الحامل على ذلك هو التحرج من أن يقال عن المرء: جاهل، أو الرغبة في أن يقال عنه: عالم، أو كان ذلك لطلب المحمدة والمنزلة عند الناس، فهذا هو المحذور الذي يضر صاحبه في دينه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به.
متفق عليه.
قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ: مَنْ رَاءا بِعَمَلِهِ وَسَمَّعَهُ النَّاس لِيُكْرِمُوهُ وَيُعَظِّمُوهُ وَيَعْتَقِدُوا خَيْره سَمَّعَ اللَّه بِهِ يَوْم الْقِيَامَة النَّاس وَفَضَحَهُ. اهـ.
ومن الثلاثة الذين هم أول من يقضى بينهم يوم القيامة: رجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فيأتي الله به فيعرفه نعمه فيعرفها، فيقول: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
رواه مسلم.
ولذلك ينبغي للسائل أن يحرر نيته ويجردها لطلب مرضاة الله وتعلم ما يستقيم به على طاعته، وفي الوقت نفسه ينبغي أن يحذر أن يدخل له الشيطان من باب خوف الرياء فيحمله على ترك العلم والزهد فيه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 122611، ورقم: 104292
والله أعلم.