الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب نريد ـ أولا ـ التنبيه إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في الوقت الذي يبتدأ منه مدة المسح، وكنا قد بينا هذا الخلاف مرجحين القول بأنها تبدأ من وقت الحدث، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 13641.
وكما اختلف أهل العلم في ابتداء المدة فقد اختلفوا ـ أيضا ـ فيما يلزم إذا انتهت مدة المسح على أربعة أقوال ذكرها النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع، أولها يكفيه غسل قدميه فقط، وثانيهما يلزمه استئناف الوضوء وثالثهما إن غسل رجليه عقب النزع كفاه، وإن أخر حتى طال الفصل استأنف الوضوء، ورابعهما أنه لا شيء عليه ـ لا غسل القدمين ولا غيره ـ بل طهارته صحيحة يصلى بها ما لم يحدث، قال النووي: وهو المختار الأقوى.
وعلى هذا القول الأخير، فإذا توضأت ومسحت على الجوربين للمغرب في مدة المسح ثم انتهت مدة المسح وبقيت على طهارة فلك أن تصلي صلاة العشاء بذلك الوضوء، وصلاتك صحيحة، وهذا ما اختاره كثير من المحققين أيضا كشيخ الإسلام وابن عثيمين ـ رحمهم الله تعالى ـ قال الشيخ ابن عثيمين مضعفا القول ببطلان الوضوء بانتهاء مدة المسح: ولا دليل على ذلك من كتاب الله تعالى، ولا من سُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم ولا من إجماع أهل العلم، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وقّتَ مدَّة المسح، ليُعرَفَ بذلك انتهاء مدَّة المسح، لا انتهاء الطَّهارة، فالصَّحيحُ أنَّه إِذا تَمَّت المدَّةُ، والإِنسان على طهارة، فلا تبطل، لأنها ثبتت بمقتضى دليل شرعيٍّ وما ثبت بمقتضى دليل شرعيٍّ، فلا ينتقض إِلا بدليل شرعيٍّ آخر، ولا دليل على ذلك في هذه المسألة، والأصلُ بقاء الطَّهارة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى. اهـ.
ومما تقدم يتبين أن صلاتك للعشاء صحيحة على أرجح الأقوال.
والله أعلم.