الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق المعلّق الذي قصد به الطلاق يقع به الطلاق عند وقوع ما علق عليه، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على هذا ومنهم ابن حزم نفسه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ... والثاني: وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة . فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت ؛ كقوله : أنت طالق عند رأس الشهر .
وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق ولم يعلم فيه خلافا قديما ؛ لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق وهو قول الإمامية مع أن ابن حزم ذكر في " كتاب الإجماع " إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق. مجموع الفتاوى.
وهذا نص كلام ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع): واتفقوا أن الطلاق الى أجل أو بصفة واقع إن وافق وقت طلاق، ثم اختلفوا في وقت وقوعه فمن قائل الآن ومن قائل هو الى أجله. مراتب الإجماع لابن حزم.
وعلى ذلك فالذي نراه – والله أعلم- أنه لا يسوغ تقليد ابن حزم في هذه المسألة مع ما تقدم من حكاية الإجماع على خلافه.
وأما الإشهاد على الطلاق فجماهير أهل العلم على صحة الطلاق بغير إشهاد، وما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه ليس صريحاً في اشتراط الإشهاد على الطلاق، بل استدل به بعض العلماء على عدم اشتراطه. قال البيهقي: وفي ذلك كالدلالة على جواز نفوذهما، وجواز خلوهما عن الشهادة حين قال: « أشهد الآن » معرفة السنن والآثار للبيهقي.وانظري الفتوى رقم: 35332.
والذي ننصحك به أن تعرضي مسألتك مشافهة على أهل العلم في بلدكم ،واعلمي أنه لا خلاف بين أهل السنة في تقديم قول الصحابة على من بعدهم، وإنما يرجع لكلام أئمة الفقه المعروفين كالأئمة الأربعة لما لهم من سعة المعرفة بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة مع دقة فهمم و تمكنهم من قواعد الاستدلال و طرق الاستنباط، ولما اشتهر عنهم من شدة الورع وكمال التقوى والتجرد للحق، ولذلك فهم أحرص الناس على العمل بفتاوى الصحابة، لكن عند اختلاف الصحابة في المسألة أو عدم وضوح الدلالة على الحكم فيما روي عن الصحابي، حينئذ تختلف أقوالهم طلباً للوصول إلى الحق.
قال ابن القيم عند كلامه على أصول مذهب الإمام أحمد: ..الأصل الثاني من أصول فتاوى الإمام أحمد: ما أفتى به الصحابة فإنه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها.....
الأصل الثالث من أصوله: إذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ولم يخرج عن أقوالهم فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقول. إعلام الموقعين.
وانظري الفتوى رقم: 7763.
والله أعلم.