الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشيخ الإسلام ابن تيمية عالم من علماء الأمة له اختياراته العلمية القوية، فترجيحاته محل اعتبار بلا شك، وما سألت عنه من أمر العمل بفتاويه فنقول فيه: إن هذا الذي يريد أن يأخذ بها لا يخلو أمره من حالين:
الأول: أن يكون طالب علم شرعي له القدرة على فهم أقوال العلماء والنظر في أدلتهم ووجوه الاستدلال، فإذا ترجح عنده ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية لقوة دليله فعمل بمقتضاه فلا حرج عليه في ذلك بل ذلك هو واجبه.
الثاني: أن يكون عامياً، فالواجب في حقه سؤال أهل العلم.
قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى.
وهنالك محاذير في ذهاب العامي مباشرة إلى كلام العلماء وتنزيله على حاله، فما يدريه أن تكون الصورة التي تكلم عنها هذا العالم تنطبق على حاله، فقد يوجد نوع اختلاف لا يدركه، ففي عمله بالفتوى في هذه الحالة من الفساد ما لا يخفى.
والله أعلم.