الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه ـ أولا ـ على حرمة ما ذكرت أنك تقوم به من سب زوجتك وشتم والديها، لما في ذلك من أذية المسلم بغير حق، فقد قال صلي الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
وذهب كثير من أهل العلم إلى أن شتم الزوجة، أو والديها من الضرر البين الذي يبيح لها طلب الطلاق، جاء في شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: ولها ـ أي للزوجة ـ التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها. انتهى.
فجاهد نفسك على الابتعاد عن أذية زوجتك وأحسن معاشرتها كما أمر الله تعالى في قوله: وعاشروهن بالمعروف } الآية.
خصوصا أنها على ما ذكرت من العبادة، والخلافات الزوجية إذا لم تتضمن إثما فليس من شأنها أن تكون سببا لنقص أجر العبادات، إذ هي مما لا يكاد يخلو منه بيت، مع العلم أن العبادات تكون سببا لتكفير الصغائر التي تقع من الرجل في شأن معاملته لأهله والتقصير في حقهم، أو نحو ذلك، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114}.
وقال صلي الله عليه وسلم: فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. رواه الإمام مسلم وغيره.
وقال المناوي في فيض القدير: فتنة الرجل ـ أي ضلاله ومعصيته، أو ما يعرض له من الشر ويدخل عليه من المكروه في أهله مما يعرض له معهم من نحو هم وحزن، أو شغله بهم عن كثير من الخير وتفريطه فيما يلزمه من القيام بحقهم وتأديبهم وتعليمهم: يكفرها ـ أي الفتنة المتصلة بما ذكر: الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ لأن الحسنات يذهبن السيئات. انتهي بتصرف.
والمبادرة بالاستغفار والتوبة بعد ارتكاب معصية عمل طيب ومن صفات المتقين، قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135}.
لكن هذا الاستغفار لا يكفي في حق المخلوقين وبالتالي، فلا بد من طلب المسامحة من زوجتك إذا شتمتها، أو آذيتها وهكذا الحال بالنسبة لأبويها، فقد قال صلي الله عليه وسلم: أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. رواه مسلم وغيره.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 22086.
وبخصوص: الخبيثات للخبيثين ـ فمعناها عند أكثر المفسرين قد بينه الشوكاني في قوله: قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وأكثر المفسرين: المعنى: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلمات، والكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الكلمات، قال النحاس: وهذا أحسن ما قيل ـ قال الزجاج: ومعناه لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء، وهذا ذم للذين قذفوا عائشة بالخبيث ومدح للذين برأوها .انتهى.
والله أعلم.