الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءك في زوجك، وأن يبدلك خيرا منه، وأن يفرج همك وغمك.
ويجب عليك أن تعرفي الله تعالى حق معرفته وأن تقدريه حق قدره، فهو الخالق سبحانه وتعالى، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه.
قال سبحانه: وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. {الرعد:41}
وقال: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. {القصص:68}
وقال نوح لقومه كما حكى الله عنه في كتابه: مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا*وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا{ نوح:14،13}
فمن عرف الله حق معرفته تأدب معه، ومن أحبه تعلق قلبه به. فقولك أنا زعلانة من ربنا، أو أنا عاتبة على الله، يتنافى مع ذلك كله، وإذا استقر مثل هذا في قلبك كانت له عواقب وخيمة، فيجب عليك مدافعة مثل هذه الخواطر والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم عند ورودها. وراجعي الفتوى رقم: 45147.
ثم ما يدريك أن لو بقي هذا الزوج حيا أن تكون حياتك معه على الحال الحسن الذي ذكرت، فالمستقبل غيب لا يعلمه إلا الله، والقلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، وعليك أن لا تفرطي في الحب ولا في البغض فكلا طرفي الأمور ذميم.
فعلى كل فقد ابتلاك الله تعالى بفقده فعليك بالصبر حتى تنالي أجر الصابرين، وراجعي فضائل الصبر بالفتوى رقم: 18103.
وبدلا من شغل نفسك بمثل تلك الهواجس عليك أن تتوجهي إلى الله بالدعاء أن ييسر لك زوجا خيرا منه، واعتبري بأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما ولا ريب أنها خير منك وزوجها خير من زوجك، روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله { إنا لله وإنا إليه راجعون } اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وننبه إلى أنه لا حرج على المرأة في أن تعرض تزويج نفسها على من ترجو أن يكون لها زوجا صالحا بشرط مراعاة حدود الشرع في ذلك. وننصح بالاستشارة والاستخارة في أمر الزواج منه، فما خاب من استخار ولا ندم من استشار. وراجعي الفتوى رقم: 19333. وهي عن الاستخارة في النكاح.
والله أعلم.