الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب في أن ما ثبت في الصحيح من وصف أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه سيف من سيوف الله فضيلة عظيمة لخالد رضي الله عنه، وفي معنى كونه سيفا من سيوف الله أقوال.
قال في تحفة الأحوذي: قال القاري أي سيف سله الله على المشركين وسلطه على الكافرين، أو ذو سيف من سيوف الله عز وجل حيث يقاتل مقاتلة شديدة في سبيله مع أعداء دينه. انتهى
وقال المناوي: أي هو في نفسه كالسيف في إسراعه لتنفيذ أوامر الله تعالى لا يخاف فيه لومة لائم. انتهى.
وخالد رضي الله عنه قد أسلم قبل فتح مكة وجاهد في الله تعالى وأبلى في ذلك أحسن بلاء، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وكان كسر أهل الردة على يديه، وفتح الله على المسلمين بقيادته الأمصار الكبار، وفضائله ومناقبه وأخبار شجاعته وجهاده وبلائه الحسن في نصرة الدين مما تواتر وامتلأت به كتب التاريخ والسير، فرضي الله عنه وأرضاه.
وهذا كله مما ترجى له به الجنة، وإن لم نر أحدا من العلماء نص على أن من لازم كونه سيفا من سيوف الله أن يكون في الجنة، ولكن حسبه صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وشهادته له بذلك، وحسن بلائه في نصرة الدين، وقد وعد الله الصحابة جميعا برضوانه وجنته في غير ما موضع من كتابه، وقد قطع بعض العلماء بأن كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم بنية صادقة فهو من أهل الجنة.
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: ثم نقطع على أن كل من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بنية صادقة ولو ساعة فإنه من أهل الجنة لا يدخل النار لتعذيب، إلا أنهم لا يلحقون بمن أسلم قبل الفتح وذلك لقول الله عز وجل: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى. انتهى.
والله أعلم.