الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نجد لهذا التفريق أصلا، فمن زنى بامرأة متزوجة أو بالمعتدة بنوعيها الرجعية والبائن فلا تحرم عليه على التأبيد. وقد صرح بهذا فقهاء المالكية، ففي مختصر خليل قوله:( وتأبد تحريمها بوطء وإن بشبهة.....لا بعقد أو بزنا..
ونقل المواق في شرحه التاج والإكليل لمختصر خليل عن ابن رشد أنه قال:( الوطء بزنا في عدة أو استبراء لا يحرم اتفاقا. هـ.
فتبين بهذا أنهم قد ذهبوا إلى أنها تحرم عليه مؤبدا بالوطء أي بعد عقد لا بمجرد الزنا، والجمهور على خلاف ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة قال : وله أن ينكحها بعد انقضاء العدتين يعني للزوج الثاني أن يتزوجها بعد قضاء العدتين...... وعن أحمد رواية أخرى , أنها تحرم على الزوج الثاني على التأبيد . وهو قول مالك وقديم قولي الشافعي لقول عمر لا ينكحها أبدا. اهـ.
وليس من حق المرأة أو وليها فسخ النكاح إلا لمسوغ شرعي، وإذا وجد مسوغ فلا بد من رفع الأمر إلى القاضي الشرعي، وراجع الفتوى رقم 143979.
وأما طلب فسخ النكاح من أجل الزواج من آخر فلا يجوز. فإذا لم يطلق الزوج أو يفسخ الحاكم فلا تزال هذه الزوجة في عصمة زوجها، فتكون بذلك محصنة، فهي من المحرمات، كما قال تعالى في معرض ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء {النساء:24}
وإذا لم يكن بالإمكان أن يرفع الأمر إلى القاضي فلتخالع نفسها منه في مقابل عوض تدفعه إليه. وانظر الفتوى رقم: 143445.
وزنا المتزوجة لا تأثير له على العصمة الزوجية. وإن طلقها زوجها فلا حرج على هذا الزاني في الزواج منها إن تابا إلى الله تعالى، وانقضت عدتها من الطلاق. ولكن إن كان هذا الرجل قد أفسدها على زوجها وكان السبب في طلاقها من زوجها، فإنه آثم بذلك، فتجب عليه التوبة. وراجع الفتوى رقم: 7895.
وقد اختلف الفقهاء في حكم تارك الصلاة تكاسلا، فالجمهور على أنه لا يكفر، ومن العلماء من ذهب إلى كفره. فعلى قول الجمهور فإذا عقد له على امرأة فنكاحه منها صحيح. ولكن لا ينبغي تزويجه ابتداء، لأنه غير مرضي في دينه وخلقه، وراجع الفتوى رقم: 134021.
ونود أن ننبه إلى أن هذا السؤال قد ورد إلينا من جهات متعددة وبصيغ مختلفة، ولا ينبغي للسائل أن يكثر التنقل بين المفتين، فإن هذا قد يشتت ذهنه ويوقعه في الحيرة والاضطراب، ويحرم ذلك إن كان بغرض طلب الرخصة والتسهيل، كما بينا في مقدمة الفتوى رقم: 134759. والمفتي إنما يفتي حسبما ذكر له في وقائع السؤال، فإذا ذكر المستفتي خلاف الواقع وأفتاه المفتي بناء على ذلك لم يجز له العمل بمقتضى هذه الفتوى، فحكم القاضي لا يحل الحرام ولا يحرم الحلال كما بينا بالفتوى رقم: 5592 والفتوى رقم: 21994. وكذلك المفتي من باب أولى.
والله أعلم.