الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستنشاق في الوضوء والغسل مستحب غير واجب على الراجح، فمن تركه مع القدرة عليه، أو العجز عنه فوضوءه صحيح ولا يلزمه أن يتيمم، وانظر الفتوى رقم: 113569.
وعلى القول بوجوب الاستنشاق ـ وهو قول الحنابلة ـ فالواجب عليك عندهم أن تغسل ما قدرت على غسله، وأن تتيمم عن المعجوز عن غسله مراعيا للترتيب والموالاة في الحدث الأصغر على المذهب، وفي وجوب مراعاة الترتيب خلاف في المذهب واختار شيخ الإسلام أنه لا يجب، قال في كشاف القناع: والمراد أنه يغسل ما لا يتضرر بغسله ويتيمم لما سواه مراعيا للترتيب والموالاة في الحدث الأصغر. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: وقيل لا يجب ترتيب ولا موالاة، اختاره المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير، قال ابن رزين في شرحه وهو الأصح، قال المصنف: ويحتمل أن لا يجب هذا الترتيب وعلله ومال إليه، قال الشيخ تقي الدين: ينبغي أن لا يرتب، وقال أيضا: لا يلزمه مراعاة الترتيب، وقال أيضا: فعلى المذهب يجعل محل التيمم في مكان العضو الذي يتيمم بدلا عنه فلو كان الجرح في وجهه لزمه التيمم ثم يغسل صحيح وجهه ثم يكمل الوضوء، وإن كان الجرح في عضو آخر لزمه غسل ما قبله ثم كان الحكم فيه على ما ذكرنا في الوجه، وإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب. انتهى.
وبه تعلم أن الراجح أنه لا يجب عليك شيء على القول بأن الاستنشاق مستحب غير واجب وهو الراجح، وعلى القول بالوجوب فعليك أن تتيمم، والأحوط أن يكون تيممك قبل غسل الوجه خروجا من الخلاف المذكور، وأما التيمم على عضو واحد فقط فكلام باطل، بل صفة التيمم عن العضو الذي لا يستطاع غسله هي صفة التيمم العادية المعروفة بأن يضرب المتيمم الصعيد بيده ضربة يمسح بها ظاهر كفيه ووجهه، كما ثبتت بذلك السنة.
والله أعلم.