الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
قال المناوي في (فيض القدير): (إمارة السفهاء) أي ولايتهم على الرقاب، لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة ( السفهاء) جمع سفيه، وهو ناقص العقل. والسفه ـ كما في المصباح وغيره ـ نقص العقل ( وكثرة الشُّرَط ) بضم فسكون أو فتح أعوان الولاة، والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة، وبكثرتهم يكثر الظلم، والواحد منهم شرْطي كتركي أو شرَطي كجهني، سمي به لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها، والشَرَط العلامة ( وبيع الحكم ) بأخذ الرشوة عليه، فالمراد به هنا معناه اللغوي وهو مقابلة شيء بشيء ( واستخفافا بالدم ) أي بحقه بأن لا يقتص من القاتل اهـ.
وأما إن كان مراد السائل بقوله: (لا يعرفون فيه من يحكمهم) أي حقيقة حالهم وباطن أمرهم، حيث يبطنون هؤلاء الحكام خلاف ما يظهرون، فهذا يدل عليه حديث حذيفة المشهور في الفتن، وفيه وصف شر آخر الزمان بقول النبي صلى الله عليه وسلم: دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه .. هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا، وفيه إشارة إلى أنهم من العرب .. وقال القابسي: معناه أنهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن مخالفون. وجلدة الشيء ظاهره، وهي في الأصل غشاء البدن .. ووقع في رواية أبي الأسود: "فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" وقوله " جثمان " بضم الجيم وسكون المثلثة هو الجسد ويطلق على الشخص. اهـ.
والله أعلم.