الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الواقع ما ذكرت من أن زوجك ووالدته قد رمياك زورا ببعض العيوب في أخلاقك فهذا نوع من البهتان، والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته.
فنوصيك بالصبر عليهم، ففي الصبر خير كثير، وراجعي فضل الصبر بالفتوى رقم: 18103.
ولا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ في امتناعك من السكن مع أمه في مسكن واحد، فإن الفقهاء قد نصوا على أن من حق الزوجة على زوجها أن تكون في مسكن مستقل وأنها لا يلزمها أن تسكن مع أقارب زوجها، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 34811، وذكرنا فيها أيضا أنه لا يلزمها خدمة أم زوجها، وإن فعلت ذلك برضا منها فذلك أولى وأحسن.
فالحاصل أن من حقك أن تكوني في مسكن مستقل، وإذا أراد زوجك أن يكون بجوار أمه فيؤجر أو يشتري لك مسكنا لائقا بك قريبا من والدته، وننبه في ختام هذا الجواب إلى بعض الأمور ومنها:
الأمر الأول: أنه لا يجوز للزوج أن يسيء عشرة زوجته فيضربها ويشتمها ويهجرها لغير سبب شرعي فالله تعالى يقول: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.
فقد تضمن ختام الآية باسميه العلي والكبير التحذير الشديد للزوج وأن الله أقدر عليه إن ظلم زوجته.
الأمر الثاني: إذا لم تكن مساهمتك مع زوجك في شراء الشقة على سبيل التبرع، وإنما على سبيل الشركة فيها فلك نصيبك منها بقدر مساهمتك، بل لو كان تبرعك بقصد دوام العشرة ولم يحصل ذلك فلك الحق في الرجوع في هذه الهبة، قال الدردير في الشرح الكبير: إلا أن تهبه شيئًا من صداقها قبل البناء، أو بعده، على قصد دوام العشرة معها فطلقها، أو فسخ النكاح لفساده قبل حصول مقصودها، فلا يكون الموهوب كالعدم، بل يرده لها كعطيته. اهـ.
الأمر الثالث: ننصح بالحرص على حل هذه المشكلة بالروية والحذر قدر الإمكان من أن يكون الطلاق هو الحل، فليوسط في هذا أهل الخير وبعض الفضلاء من الناس، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 5291.
الأمر الرابع: أن حقوق المطلقة قد سبق بيانها بالفتوى رقم: 8845.
وننبه إلى أن نظام الإيجار المعمول به في بعض البلدان والذي تؤبد فيه الإجارة والأجرة نظام مخالف للشريعة الإسلامية، لما فيه من الظلم البين والاعتداء الواضح على أموال الناس.