الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على قول للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ أو غيره من العلماء بعدم وقوع طلاق الموسوس إلا إذا كتبه أمام القاضي، لكن ما يقع من الموسوس بسبب الوسوسة من تلفظ بطلاق فلا يقع به الطلاق ما دام مغلوبا على ذلك غير مختار لما يصدر منه من قول، أو فعل، أما إذا صدر من الموسوس قول، أو فعل باختياره غير مغلوب عليه فهو مؤاخذ به، وانظر الفتويين رقم: 56096، ورقم: 142465.
فإذا طلق الموسوس بإرادته واختياره ليتخلص من الشك فطلاقه واقع، لكن هذا المسلك خاطئ، وإنما ينبغي الإعراض عن الوساوس جملة وتفصيلا، قال الشيخ ابن عثيمين: وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا أنه قال مرة من المرات مادمت في قلق وتعب سأطلق فطلق بإرادة حقيقية تخلصاً من هذا الضيق الذي يجده في نفسه وهذا خطأ عظيم والشيطان لا يريد لابن آدم إلا مثل هذا أن يفرق بينه وبين أهله ولا سيما إذا كان بينهم أولاد فإنه يحب أن يفرق بينهم أكثر لعظم الضرر، والعدو كما هو معلوم لكل أحد يحب الإضرار بعدوه بكل طريق وبكل وسيلة، والطريقة التي فعلها هذا الذي ذكر لي الطريقة ليست بصواب وليس دواء من ابتلي بالوسواس أن يوقع ما يريده الشيطان منه، بل دواؤه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأما عن التماس الموسوس للرخص في أحكام الطلاق فقد بينا أن ما يقع منه بسبب الوسوسة غير واقع، وأما ما يقع منه باختياره فإنه يعمل بما يطمئن إليه قلبه، فإن استفتى فيه من يثق بفتواه عمل بها وإن رفع الأمر للقاضي فإن حكم القاضي يرفع الخلاف.
والله أعلم.