الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعدل بين الأولاد ـ ذكورا كانوا، أو إناثا ـ في الهبة واجب شرعا، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء من ذلك دون مسوغ شرعي، فإن فعل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.
وعلى ذلك، فيجب النظر في ما ملكه الوالد في حياته لكل واحد من أبنائه، فما كان منه بغير مسوغ ولم يعط لبقيتهم ما يتحقق به العدل فالراجح أنه يجب رده إلى التركة ليقسم بين جميع الأبناء على مقتضى الميراث الشرعي، وبالتالي يحق لمن حُرم العدل من الأولاد أن يطالب بفعل ذلك، إقامة للعدل المطلوب شرعا.
وأما ما كان منه لمسوغ من نحو مرض، أو فقر، أو حاجة نزلت به دون بقية إخوته، فهو لمن وهِب له دون بقية الأولاد، على الراجح، قال ابن قدامة في المغني: إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ.