الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبه على أن الحديث إذا توفرت فيه شروط الصحة والقبول فإنه يجب العمل بموجبه ولا عذر لأحد في تركه إلا بحجة معتبرة ككونه مؤولاً، أو منسوخاً، أو مخصصاً، أو مقيداً ونحو ذلك، قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى: كان الإمام أحمد إذا وجد النص أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائناً من كان، ولذا لم يلتفت إلى خلاف عمر ـ رضي الله عنه ـ في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس، ولا إلى خلافه في التيمم للجنب لحديث عمار بن ياسر. انتهى.
ولكن ينبغي في هذا المقام تحرير القول في صحة الحديث، فإن الحديث لا يكون صحيحاً إلا إذا توفرت فيه شروط خمسة، وهي: اتصال السند من مبتداه إلى منتهاه، وعدالة جميع الرواة، وضبطهم، وعدم الشذوذ، وعدم العلة القادحة، جاء في تيسير مصطلح الحديث للطحان عند تعريفه للحديث الصحيح: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة. انتهى.
وعليه، فقد يسلم السند من القوادح فيكون متصلاً ويكون أصحابه عدولاً ضابطين، ولكن في ذات الوقت لا يسلم المتن من الشذوذ والعلة فحينئذ يسقط المتن، لكونه شاذاً، أو معللاً، جاء في نصب الراية للزيلعي: وصحة الإسناد يتوقف على ثقة الرجال، ولو فرض ثقة الرجال لم يلزم منه صحة الحديث حتى ينتفي منه الشذوذ والعلة. انتهى.
وجاء في فتح المغيث: لا تلازم بين الإسناد والمتن؛ إذ قد يصح المسند أو يحسن لاستجماع شروطه من الاتصال والعدالة والضبط دون المتن لشذوذ، أو علة. انتهى.
ويراجع الكلام عن الحديث الشاذ في الفتويين رقم: 102205، ورقم: 118936.
ويراجع الحديث عن الحديث المعلل في الفتوى رقم: 66286.
والله أعلم.