الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء إن الفقهاء مختلفون في الأراضي الأميرية هل تورث إذا مات من هي بيده أم يرجع فيها إلى السلطان، ونلخص أقوالهم مما جاء في الموسوعة الفقهية فنقول: هي عند الحنفية لا تورث لأن رقبتها لبيت المال فترجع إليه، ولا يستحق انتقالها إلى ورثته أو غيرهم إلا بإذن السلطان، والمالكية منهم من قال: إنها لا تورث وذلك مقتضى مشهور المذهب، ومنهم من قال: بأنها تورث وعلى قول هؤلاء فإنها تورث طبقاً لما توجبه أحكام التوريث فهي لجميع الورثة من الزوج أو الزوجة والأبوين والعصبات والأولاد الذكور منهم والإناث طبقاً للكتاب والسنة، أما عند الحنابلة فالورثة أحق بالتمسك بالأرض الخراجية فتنتقل إليهم بوفاة من هي بيده، وليس للإمام نزعها منهم ما داموا يؤدون الخراج، قال ابن القيم: من بيده أرض خراجية فهو أحق بها وترثها ورثته كذلك فيملكون منافعها بالخراج الذي يبذلونه. وظاهر هذا أن توارث هذا الحق يستحق طبقاً لأنصبة الميراث وإن لم يكن الحق الموروث مالاً.
والمفتى به عندنا أنها لا تورث لكونها ملكاً عاماً للمسلمين، وإنما تنتقل منفعتها إلى ورثة الميت حسبما يقرره الحاكم المسلم، وله أن يسوي بين الذكر والأنثى إذا رأى المصلحة في ذلك.. وانظر التفصيل حول الأراضي الأميرية في الفتوى رقم: 110628، والفتوى رقم: 107794.
وعلى القول بأنها تورث على مقتضى الميراث في الشريعة، فإن من توفي عمن ذكر في السؤال ولم يترك وارثاً غيرهم، فإن لزوجته ثمن تلك الأرض، والباقي لابنه وبناته تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء للشقيقة لأنها محجوبة بالابن حجب حرمان، فتقسم على أربعين سهماً، للزوجة ثمنها خمسة أسهم، وللابن أربعة عشر سهماً ولكل بنت سبعة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.