الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن فرعون وآله من أشد الناس عذاباً يوم القيامة، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: ... وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ {غافر:45}، وهذا جزاء من يتكبر في الأرض بغير الحق، ويظلم عباد الله ويتجبر عليهم.. ويقول: .. أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى {النازعات:24}، ويقول: ... مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي.. {القصص:38}.
وروى الطبري في التفسير: عن عبد الله بن عمرو قال: إن أشد الناس عذاباً ثلاثة: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون. وجاء مصداق ذلك في قوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ...، وفي قوله تعالى عن أصحاب المائدة: فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ. وفي قوله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. ومن أشد الناس عذاباً يوم القيامة اليهود، فقد قال تعالى عنهم: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ. اهـ
وجاء في تفسير القرطبي: والذي عليه الأكثر من العلماء أن جهنم أعلى دركات النار، وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي تخلى من أهلها فتصفق الرياح أبوابها. ثم لظى، ثم الحطمة، ثم سعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية، قال الضحاك: في الدرك الأعلى المحمديون، وفي الثاني النصارى، وفي الثالث اليهود، وفي الرابع الصابئون، وفي الخامس المجوس، وفي السادس مشركو العرب، وفي السابع المنافقون وآل فرعون ومن كفر من أهل المائدة.
ومن أشد الناس عذاباً رجل قتله نبي. كما جاء مرفوعاً: أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبياً وإمام ضلالة.. الحديث رواه أحمد وحسنه الأرنوؤط.
فإذا تقرر أن طوائف كثيرة يشاركون آل فرعون في الدخول إلى أشد العذاب، لم يمكن القول بأن فرعون هم أشد الناس عذاباً على الإطلاق، ومثل هذا لا يقال فيه إلا بتوقيف من الشارع.
والله أعلم.