الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولا إلى أن مناظرة أهل البدع لا يقوم بها إلا من حصل من العلم قدرا يمكنه به دفع شبهاتهم وإقامة الحجة عليهم، ويبدو أنك لم تبلغ الغاية التي تؤهلك لهذا الأمر، ومن ثم فنحن ننصحك بالاجتهاد في طلب العلم والعكوف على تحصيله ريثما تكون لك القدرة على المناظرة، وأما المسألتان اللتان سألت عنهما فخطبهما يسير، فإن صلاة ألف ركعة في اليوم ليس مما يحيله العقل، بل حصوله ممكن، وقد نقل فعله عن جمع من الصالحين، فليست هذه المسألة مما يعقد عليه الولاء والبراء، وليس الشأن في إمكان ذلك فإنه ممكن ومنقول عن جمع كما ذكرنا، وإنما الشأن في كونه أفضل أو لا، فإن أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما علي رضي الله عنه فقد نقل جمع أنه ممن جمع القرآن كله، ونفى ذلك آخرون.
قال أبو جعفر النحاس: وقال الشعبي: وأبو الدرداء حفظ القرآن على عهد رسول الله ومجمع بن جارية بقيت عليه سورتان أو ثلاث قال ولم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان. وسالم مولى أبي حذيفة وكان بقي عليه منه شيء. انتهى.
وليس عدم حفظ القرآن كله قادحا، وقد نقل عن أبي بكر وعمر أنهما لم يجمعا القرآن كما يقتضيه أثر الشعبي المتقدم.
قال السيوطي في الإتقان: أخرج ابن اشته في المصاحف بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: مات أبو بكر ولم يجمع القرآن، وقتل عمر ولم يجمع القرآن. انتهى.
وذكر بعض العلماء أن الخلفاء الأربعة ممن حفظ القرآن، قال الحافظ في الفتح: وتقدم عن علي أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ ، وقال أيضا: وقد ذكر أبو عبيد القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة. انتهى.
وعلى كل فهذه مسألة سهلة، والخلاف فيها ثابت كما رأيت، وليس فيها نصوص ثابتة تقطع في الأمر غير أنها اجتهادات واستنباطات من العلماء، ولعل اللائق بمكانة الخلفاء الأربعة في العلم وقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكونوا جميعا ممن جمع القرآن كله، وإن لم يثبت هذا عن بعضهم فلا يقدح ذلك في منزلته ومنصبه من الدين، فإن فضائلهم رضي الله عنهم ومناقبهم كثيرة مشهورة.
والله أعلم.