الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فلا نعلم اشتقاق هذا الاسم: نيرفانا ـ من لغة العرب ولعله منقول من لغات أخرى، والأصل أن ما كان منقولاً من لغة أخرى لا ينبغي للمسلم أن يسمي به إلا إذا عرف معناه، فلعله يتضمن معنى أو شعاراً يتنافى مع الدين والأخلاق، وبالبحث عن هذه الكلمة وجدنا في الموسوعة العربية العالمية نحوا مما ذكرت، فذكر فيها أنه يعتقد البوذيون أن كلَّ المتمثلين ببوذا استطاعوا أن يقوموا بتطوير وتنمية درجات روحية وأخلاقية كاملة، ووصلوا بذلك إلى حالة من التنوير والسلام الكاملين تُسمى نيرفانا، وإذا كان هذا أصل اشتقاق الكلمة، فلا يجوز للمسلم التسمية بها، لأن فيها ما يرمز لدين البوذيين ومعتقداتهم، ورياضاتهم الروحية، والأسماء في الإسلام لها أهمية خاصة لما لها من تأثير على نفسية المسمى، فهي بمنزلة العنوان، أو الشعار والواجهة للمسمى، ولهذا فقد غير النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء التي تنافي العقيدة، كما غير أسماء مستقبحة، قال ابن القيم:
لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثاف كما قيل: وقلما أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه. اهـ.
وقد ذكر أهل العلم أنه لا تجوز التسمية بأسماء غير المسلمين إذا كانت هذه الأسماء مختصة بغير المسلمين، قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة: الأسماء ثلاثة أقسام:
الأول: قسم يختص المسلمين.
والثاني: قسم يختص الكفار.
والثالث: قسم مشترك.
والثاني: كجرجس وبطرس ويوحنا ومتى ونحوها فلا يمنعون منه، ولا يجوز للمسلمين أن يتسموا بذلك، لما فيه من المشابهة فيما يختصون به.
والنوع الثالث: كيحيى وعيسى وأيوب وداود وسليمان وزيد وعمر وعبدالله وعطية وموهوب وسلام ونحوها فهذا لا يمنع منه أهل الذمة ولا المسلمون. انتهـى.
وقال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه تسمية المولود: ومن أبرز سماته ـ أي الاسم الشرعي ـ أن لا يكون في الاسم تشبه بأعداء الله، ذلك النوع من الاسم الذي تسابق إليه بعض أهل ملتنا، نتيجة اتصال المشارق بالمغارب، أو عرض إعلامي فاسد، على حين غفلة من أناس، وجهل من آخرين، أما تلك الأسماء الأعجمية المولدة لأمم الكفر المرفوضة لغة وشرعاً، وهذه ـ يعني مخالفة السنة في تسمية المولود ـ واحدة من إفرازات التموجات الفكرية التي ذهبت بعضها بالآباء كل مذهب، كل بقدر ما أثر به من ثقافة وافدة، وكان من أسوئها ما نفث به بعض المستغربين منا من عشق كلف وظمأ شديد لأسماء الكافرين، وأعجب من هذا أنك لا ترى منتشراً في الكافرين من يتسمى بالأسماء الخاصة بالمسلمين، ألا إن هذه عزة الكافر وهي مرذولة، أما عزة المسلم فهي محمودة مطلوبة، فكيف نفرط فيها، ونتحول إلى أتباع لأعدائنا؟.
وقال أيضاً: دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية: التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم، والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها، وقد عظمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أوربا وأمريكا وغيرهما، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان، ومنها: بطرس، جرجس، جورج، ديانا، روز، سوزان، وغيرها مما سبقت الإشارة إليه، وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم، إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن، فهو معصية كبيرة وإثم، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين، فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها، وتغييرها شرط في التوبة منها. انتهـى.
والأولى للمسلم أن يسمي أبناءه وبناته بالأسماء الحسنة الأصيلة كأسماء الأنبياء والصحابة والتابعين والصالحين، وقد بينا الأسماء الحسنة التي يستحب التسمي بها، والأسماء السيئة التى ينبغي تجنبها وضوابط ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 2027510793، 12614.
وأما تغيير هذا الاسم: فهو لازم ولا يسوغ أن تجامل الناس في هذا الاسم لما فيه من المحظور، فقد قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: لا يلزم تغيير الاسم إلا إذا كان الاسم مما لا يجوز إقراره شرعا، كالاسم المعبد لغير الله ونحوه، فإنه يلزم تغييره، وكذلك لو كان الاسم خاصا بالكفار لا يتسمى به غيرهم، فيجب تغييره، لئلا يكون متشبها بالكفار، ولئلا يحن إلى هذا الاسم الكافر الذي يختص بالكافرين، أو يتهم بأنه لم يسلم بعد. اهـ.
وإذا كان تغييره سيجر على صاحبه أذى غير محتمل فيسعه أن لا يغيره، ولكن يجعل له كنية يصر على أن ينادى بها حتى تتاح فرصة لتغيير الاسم.
والله أعلم.