الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى المشار إليها أن الأصل في الزواج الندب وقد يجب لعارض، وبينا كذلك بعض ما فيه من المصالح العظيمة فضلا عن كونه من سنن النبيين، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حق من قال إنه لا يتزوج النساء: فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وما قد يوجد من المشكلات التي تحف الزواج فضلا عن كونه ليس أمرا مطردا فإنه مفسدة يسيرة بجنب المصالح العظيمة التي يشتمل عليها النكاح، ثم إن هذه المشكلات لا يخلو منها زوج ولا عزب، إذ هذه طبيعة الدنيا كما قال الشاعر:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار والأكدار.
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار.
وكون مجالات الخير سوى الزواج كثيرة لا يسوغ الدعاء بعدم التوفيق له، بل هذا الدعاء مذموم بلا شك، وهو دعاء بما لا يحبه الله، بل يحب خلافه فيخشى أن يكون من الاعتداء في الدعاء الذي قال فيه الله عز وجل: إنه لا يحب المعتدين.
ولو دعا إنسان بأن لا يوفقه الله لصيام التطوع بحجة ما يشتمل عليه الصيام من المشقة، أو دعا بأن لا يوفقه الله لحج التطوع، أو عمرة التطوع لكان مذموما آتيا بما لا ينبغي، فهكذا هنا، والأولى للعاقل أن يسأل الله التوفيق لما فيه رضاه، وأن ييسر له الخير حيث كان، ولو دعوت الله أن يرزقك زوجا صالحا ويجنبك مشكلات الزواج لكان ذلك خيرا لك، فإن الله القدير على كل شيء كما أن في قدرته أن لا تتزوجي فهو كذلك يقدر على أن يتم عليك نعمته فتتزوجي وتحسن حالك وتتجنبي المنغصات، فالذي ننصحك به هو ترك هذا الدعاء فإنه لا شك في أن الدعاء به مكروه وأن تدعي بمثل ما ذكرناه من أن يوفقك الله لما فيه مرضاته.
والله أعلم.