خطورة الوساوس إذا لم يعرض عنها الإنسان

27-7-2011 | إسلام ويب

السؤال:
كل ما يأتي في بالي أو في نفسي حديث أو أنطق بلساني أخاف وأحس أنه استهزاء أو شيء يخرج من الملة، سواء كان استهزاء أو غيره، أو أشك بقدرته أو أي شيء من هذا القبيل الذي يخص أمور الدين أو أعمل حركة لأحس بتوقف الشيء الذي أفكر فيه أو أتكلم، أو أعمل حركة بوجهي أو بيدي أو بغيرهما، وصرت أعملها في أشياء ليست باستهزاء، لكن الذي يراني يمكن أن يعتبرني أستهزئ، هذا إحساس لكن لا أحد قال أو أحسست أنه يحس أو يخطر بباله أي شيء مع أن قصدي من هذه الحركة ليس الاستهزاء، فهل يقع الاستهزاء أو لا؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر مما ورد علينا من أسئلتك أن الوسوسة قد بلغت بك حدا كبيرا، وعلى أية حال فإنه لا إثم عليك ولا استهزاء فيما صدر منك ولا يهمنك شأن الناس، واعلمي أن دواء هذه الوساوس بالإعراض عنها بالكلية، كما قال الهيتمي، فاصرفي ذهنك عن التفكير في هذه الأمور، والاسترسال مع الخواطر التي تخطر لك بشأنها واشغلي وقتك بما ينفع من تعلم علم نافع والقيام بعمل صالح أو تسلية مشروعة، وابتعدي عن الجلوس وحدك وأكثري من مطالعة كتاب الله تعالى وكتب الحديث والسنة، والاشتغال بالذكر كلما خطرت الوساوس بقلبك، وقد سئل ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها، وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته. اهـ

فتأملي هذا الدواء النافع الذي علَّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلمي أن من حرمه حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:}.

ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة واضحة بيضاء بينة، سهلة لا حرج فيها: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}..

ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها، وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: داء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون.

وبه تعلمين صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع، ونقل النووي عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسواس في الوضوء أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس أي تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر.

وقد بينا معنى الاستهزاء وحذرنا من الوسوسة في هذا الباب في فتاوى كثيرة، وراجعي للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 137826، 137096، 137074، 137818، 122926

والله أعلم.

www.islamweb.net