الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحضانة هي حفظ من لا يميز ولا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه ويدفع الضرر عنه، والأم وأمها ومن يليها من النساء كلهن مقدم على الأب في حضانة الطفل ما لم يميز، لما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو: أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثدي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي.
وقد اختلف أهل العلم في حضانة البنت إلى متى تنتهي، فذهب الحنابلة إلى أنها: إذا بلغت سبع سنين فالأب أحق بها، جاء في المغني لابن قدامة قال: وإذا بلغت الجارية سبع سنين فالأب أحق بها، وقال الشافعي: تخير كالغلام، لأن كل سن خير فيه الغلام خيرت فيه الجارية كسن البلوغ، وقال أبو حنيفة: الأم أحق بها حتى تزوج أو تحيض، وقال مالك: الأم أحق بها حتى تزوج ويدخل بها الزوج. انتهى.
هذه مجمل أقوالهم فيها مع اتفاقهم على أنه ليس لمن له الحضانة أن يمنع الآخر من زيارة المحضون، قال في المغني: ولا يمنع أحدهما من زيارتها عند الآخر. انتهى.
أما المبيت: فإن الظاهر من كلام أهل العلم أنه حق لمن له الحضانة، فإن سمح به فلا مانع منه، وإلا فإنه حق له، قال في مواهب الجليل في فقه المالكية: وفي المدونة: وللأب تعاهد ولده عند أمه وأدبه وبعثه للمكتب ولا يبيت إلا عند أمه. انتهى.
وإذا كان هذا في الولد فالبنت أولى ألا تبيت إلا عند أمها، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 10233.
وبالتالي، فليس للأب تجاوز ما أذن له فيه، والاحتفاظ بالبنت مع أهله دون أمها، وعند الخلاف في هذه الحقوق ينبغي اللجوء إلى القضاء للفصل فيها.
وأما ما ذكرت من تضييعه لحقوق ابنته كعدم نفقته عليها أو تحريقها بالشاي فهذا ذنب عظيم، وكذلك ما تذكرين من قذفه إياك بدون برهان إثم عظيم وكبيرة من الكبائر، وعليه التوبة من كل ذلك، كما يلزمه أن يؤدي إليك حقوقك المتبقية لديه من ثياب أو غيرها، فإن لم يفعل فلك مقاضاته على ما يلزمه من الحقوق التي ضيعها وامتنع من أدائها، واعلمي أن الزوجة لها الرجوع بما أنفقته عن أبي أولادها القادر على نفقتهم إن كانت غير متبرعة به، بل تقصد الرجوع عليه به، وانظري الفتوى رقم: 34771.
والله أعلم.