الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالقول بأن عمر اتهم أبا هريرة بالكذب وبالسرقة، وأنه كان يقول هذا من جرابه، كل هذا قول كذب من افتراء أعداء الإسلام الحاقدين على هذا الصحابي الجليل. وقد سبق أن بينا كذب القول بأن عمر اتهمه بالسرقة في الفتوى رقم: 52673
ومما يكذب القول بأن عمر كان يتهم أبا هريرة بالكذب أو السرقة أن عمر نفسه كان يستعمل أبا هريرة في الولايات، وهذا يدل على ثقته فيه، وما ورد عن عمر أنه منعه من التحديث ـ على افتراض صحته ـ فقد ذكر عنه منع غيره أيضا من التحديث، ومنع عمر للصحابة من رواية الأحاديث ليس لأجل الاتهام بالكذب، وإنما كان مذهب عمر المنع من الإكثار من رواية الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية اشتغال الناس بها عن القرآن، كما قال لأبي موسى لما أرسله إلى العراق: إنك تأتي قوما لهم في مساجدهم دوي بالقرآن كدوي النحل فدعهم على ما هم عليه ولا تشغلهم بالأحاديث.
وكذا كان يمنعهم من الإكثار من رواية الأحاديث خشية أن يفهمها الناس على غير مرادها الشرعي أو التوسع فيما قد يفهم منها من الرخص، وربما وقع الراوي في الخطأ إذا أكثر من رواية الحديث وغير ذلك، قال ابن كثير في البداية والنهاية: وهذا محمول من عمر على أنه خشى من الأحاديث التى قد تضعها الناس على غير مواضعها، وأنهم يتكلمون على ما فيها من أحاديث الرخص، وأن الرجل إذا اكثر من الحديث ربما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ فيحملها الناس عنه أو نحو ذلك، وقد جاء أن عمر أذن بعد ذلك في التحديث. اهـ.
وقد شهد ابن عمر أن أبا هريرة كان ألزم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بحديثه.
وإذا أراد السائل الوقوف على رد مفصل حول تلك الاتهامات فإننا ننصحه بقراءة كتاب: دفاع عن أبي هريرة ـ للشيخ عبد المنعم صالح العلي فهو من أفضل ما كتب في تفنيد الشبهات التي أثيرت حول هذا الصحابي الجليل، وبين فيه مؤلفه بالأدلة أن أبا هريرة كان محل ثقة الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة والتابعين، والكتاب موجود على الشبكة العنكبوتية، وقراءته تغني عن غيره ـ بإذن الله تعالى.
والله أعلم.