الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفرك بإحدى زوجتيك لا يخلو من أن يكون برضاهن أو بقرعة أم لا ؟
1ـ فإن كان برضاهما أو بقرعة فلا يلزمك أن تقضي مدة السفر للزوجة التي لم تسافر معك.
جاء في المغني لا بن قدامة: ولا يلزمه القضاء للحاضرات بعد قدومه. وهذا معنى قول الخرقي: فإذا قدم ابتدأ القسم بينهن وهذا قول أكثر أهل العلم، وحكي عن داود أنه يقضي؛ لقول الله تعالى : { فلا تميلوا كل الميل }
ولنا أن عائشة لم تذكر قضاء في حديثها، ولأن هذه التي سافر بها يلحقها من مشقة السفر بإزاء ما حصل لها من السكن، ولا يحصل لها من السكن مثل ما يحصل في الحضر، فلو قضى للحاضرات لكان قد مال على المسافرة كل الميل. انتهى.
2ـ أن يكون السفر بغير قرعة ولا رضا الزوجتين فعليك حينئذ القضاء للزوجة التي لم تسافر بها. هذا مذهب الشافعية والحنابلة خلافا للمالكية والحنفية.
قال ابن قدامة في المغني: لكن إن سافر بإحداهن بغير قرعة أثم وقضى للبواقي بعد سفره. وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك لا يقضي؛ لأن قسم الحضر ليس بمثل لقسم السفر فيتعذر القضاء. انتهى.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 126900 ـ والتي اشتملت على جواب سؤالك السابق ـ أن الراجح هو أنه لا يجوز السفر بإحدى الزوجتين بدون قرعة كما هو مذهب الحنابلة والشافعية.
وبخصوص يوم السفر الموافق لنوبة الزوجة المسافرة فهو حق لها ومختص بها حتى لو لم يسافر بها زوجها، وبالتالي فإنه لا يقضي للزوجة التي لم يسافر بها؛ لأن ذلك ظلم للزوجة المسافرة.
أما كيفية التعويض عن مدة السفر في حال لزومه، فإن الزوج يقضي للزوجة التي لم يسافر بها عدد ليالي مدة مبيته مع الزوجة الأخرى.
قال ابن قدامة: إذا ثبت هذا فينبغي أن لا يلزمه قضاء المدة، وإنما يقضي منها ما أقام منها معها بمبيت ونحوه، فأما زمان السير فلم يحصل لها منه إلا التعب والمشقة، فلو جعل للحاضرة في مقابلة ذلك مبيتا عندها واستمتاعا بها لمال كل الميل. اهـ من المغني.
والله أعلم.