الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذنوب العبد- كما أشرت- على قسمين: قسم متعلق بحق الله تعالى كشرب الخمر والزنا.. فهذا صاحبه تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وعفا عنه، ومن تاب منه تاب الله عليه وقبل توبته. وقسم مشترك فيه حق لله تعالى وحق لعباده كالقتل والسرقة.. فما كان منه حق للعباد فإن الله تعالى لا يتركه حتى يأخذ لصاحب الحق بحقه أو يرضيه عنه. ولذلك فما يقوله الشيوخ من لزوم استيفاء العباد لحقوقهم صحيح. وانظر الفتويين: 36858 ، 3944.
وقد حمل بعض أهل العلم ما جاء في الحديث المشار إليه أن الله تعالى أرضى خصوم هذا القاتل عنه لعلمه بإخلاصه في توبته..
جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني الحنفي: قوله فغفر له أي غفر الله له، فإن قيل حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة بل لا بد من الاسترضاء وأجيب بأن الله تعالى إذا قبل توبة عبده يرضى خصمه.
وعلق الحافظ ابن حجر في الفتح على هذا الحديث بقوله: ويحمل على أن الله تعالى إذا قبل توبة القاتل تكفل برضا خصمه.
ولذلك فإن حقوق المظلومين لن تضيع عند الله تعالى الحكم العدل فلا بد أن يأخذوها من الظالم- كما هو معلوم- أو يرضيهم الله تعالى عمن شاء من عباده التائبين المخلصين.
والله أعلم.