الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن كل ما يصيب العبد إنما هو بقدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ { البقرة:216}.
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْي فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْي تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْي أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا لاَ وَاللَّهِ وَهِي تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا. رواه مسلم.
واعلمي أن الابتلاء ليس دليلاً على غضب الله، بل قد يكون دليلاً على محبة الله للعبد، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
فاتقي الله وأحسني ظنك به، واعلمي أن الدعاء المشروع نافع بكل حال، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث: إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ. رواه أحمد.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 123642.
والله أعلم.