الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالمال الذي سرقه أخوكم إن كان سرقه في حياة والدكم وبقي عنده كل هذه السنوات ـ كما يظهر لنا من السؤال ـ فهو مال مسروق من الوالد وبالغ النصاب، وقد تعددت أقوال العلماء في زكاة المال المسروق إذا تم استرجاعه, فمنهم من قال لا زكاة فيه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, ومنهم من قال يزكى عن كل السنين السابقة، وهذا مذهب الحنابلة، ومنهم من قال يزكيه عند قبضه لسنة واحدة، وهذا مذهب مالك واختيار الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ وقد فصلنا أقوال الفقهاء حول هذا في الفتوى رقم: 61701.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات، ثم قدر عليه صاحبه فيزكيه لسنة واحدة، كالدين على المعسر. اهـ.
ولعل هذا القول هو الوسط بين الأقوال, وعليه فإنه يجب عليكم قبل أن تقسموا المال بين الورثة أن تخرجوا منه زكاة سنة واحدة فور استلامه, ومقدارها ربع العشر, ثم تقسمون الباقي بينكم, وإنما قلنا بوجوب إخراج الزكاة قبل قسمة المال بين الورثة، لأن الزكاة دين, والدين مقدم على حق الورثة في المال, ثم ينظر كل واحد منكم في نصيبه من ذلك المال، فإن بلغ نصابا استقبل به حولا من يوم قبضه ثم زكاه كما هو قول المالكية في المال الموروث وهو أنه يعتبر مالا مستفادا لا تجب فيه الزكاة عند قبضه، وإنما يستقبل به الوارث حولا, جاء في الموسوعة الفقهية: والمال الموروث صرّح المالكيّة بأنّه لا زكاة فيه إلاّ بعد قبضه، يستقبل به الوارث حولًا، ولو كان قد أقام سنين، وسواء علم الوارث به أو لم يعلم. اهـ.
والله أعلم.