الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع العباءات لا حرج فيه، لكن ما كان مطرزًا منها تطريزًا فاتنًا أو ضيقًا يبين مفاتن الجسم وحدوده، فإنه لا يجوز بيعه إذا غلب على الظن استعماله فيما هو محرم كالتبرج به، وهذا هو الغالب، لأن العباءات إنما تلبسها المرأة في خروجها من بيتها ولا تلبسها تحت ثيابها، وبالتالي فبيع ما يستخدم في الحرام لا يجوز، لأنه من التعاون مع أصحابه على الإثم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. [المائدة:2]. وانظر الفتوى: 52607، وما كان كذلك عليك الامتناع من بيعه وتفصيله حتى لا تكون شريكاً في الإثم، ولا تدخل الحرام إلى مالك، لأن بيع ما يتخذ للحرام ولو كان مباحًا في ذاته، فإن ثمنه يكون حرامًا، لأنه بيع على الوجه المحرم.
قال ابن القيم في زاد المعاد: إذا بيع العنب لمن يعصره خمرًا، حرم أكل ثمنه، بخلاف ما إذا بيع لمن يأكله، وكذلك السلاحُ إذا بيع لمن يُقاتل به مسلماً، حرم أكل ثمنه، وإذا بيع لمن يغزو به في سبيل الله، فثمنه من الطيبات، وكذلك ثيابُ الحرير إذا بيعت لمن يلبسُها ممن يحرم عليه، حرم أكل ثمنها بخلاف بيعها ممن يحل له لبسها. ونسب هذا المذهب إلى الجمهور.
وكونك تتصدق وتطعم المساكين وتقضي خلة الفقراء لا يبيح لك ما كان محرمًا، وإنما تلك أعمال حسنة يرجى أن يصلك ثوابها وبرها عاجلاً أو آجلًا.
وعليك أن تخرج قدر ما يحرم عليك من الأثمان في وجوه الخير ومنافع المسلمين بنية التخلص منه لا بنية الصدقة، فإنك لا تملكه حتى تتصدق به، كما عليك أن تقلع فورًا عن بيع ما يحرم بيعه، إذ من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب على الفور.
والله أعلم.