الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من الطرقات والشوارع ونحوها مشتركا بين الناس فلا يجوز لواحد منهم أن يبني فيه بناء خاصا سواء ضيق عليهم أم لم يضيق، قال ابن قدامة في المغني: ما كان من الشوارع والطرقات والرحاب بين العمران فليس لأحد إحياؤه، سواء كان واسعا أو ضيقا، وسواء ضيق على الناس أو لم يضيق، لأن ذلك يشترك فيه المسلمون وتتعلق به مصلحتهم فأشبه مساجدهم. اهـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن حكم البناء في طريق المسلمين الواسع إذا كان البناء لا يضر بالمارة؟ فأجاب: إن ذلك نوعان، أحدهما: أن يبني لنفسه، فهذا لا يجوز في المشهور من مذهب أحمد، وجوزه بعضهم بإذن الإمام، وقد ذكره القاضي أبو يعلى ومن خطه نقلته أن هذه المسألة حدثت في أيامه واختلف فيها جواب المفتين فذكر في مسألة حادثة في الطريق الواسع: هل يجوز للإمام أن يأذن في حيازة بعضه مبينا أن بعضهم أفتى بالجواز وبعضهم أفتى بالمنع واختاره القاضي وذكر أنه كلام أحمد، فإنه قال في رواية ابن القاسم: إذا كان الطريق قد سلكه الناس فصار طريقا، فليس لأحد أن يأخذ منه شيئا قليلا ولا كثيرا، قيل له: وإن كان واسعا مثل الشوارع؟ قال: وإن كان واسعا، قال: وهو أشد ممن أخذ حدا بينه وبين شريكه، لأن هذا يأخذ من واحد وهذا يأخذ من جماعة المسلمين. اهـ.
وقال أيضا: في جواز البناء المختص بالباني الذي لا ضرر فيه أصلا بإذن الإمام قولان. اهـ.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 141363.
والله أعلم.