الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن هداك للإيمان ووفقك للإحسان، وجزاك خيرا على نصحك لأبيك أن يكل أمره إلى خالقه سبحانه ويتوكل عليه. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (الطلاق:3) لقد هديت إلى أمر عظيم وهو أن للكون ربا يسيره بقدرته وعظمته, وأنه بالغ أمره. قال أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام مخاطبا ربه متذللا بين يديه: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ*وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ*وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ. [الشعراء،78-81].
فمن وكل أمره إليه كفاه ومن اتقاه جعل له من همه فرجا ومن ضيقه مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن تاب إليه قبل توبته وفرح بها وعفى عنه كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
وقال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طـه:82]. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]، وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
وكيفية التوبة هي الاعتراف بالذنب والإقلاع عنه، والندم عليه، والعزيمة ألا يعود إليه، ويكثر من فعل الحسنات والقربات. فليتب والدك من اقتراضه بالربا، والزم أنت صراط ربك المستقيم وكن ممن يتعرفون إلى الله في الرخاء فيعرفهم في الشدة، واتق الله في أمره ونهيه وقد علمت عظمة الخالق وقدرته فاحذر أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك، واعلم أن السعادة كل السعادة في تقواه وقد وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالحياة الطيبة فقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً.[النحل:97]
وتوعد الذين يعرضون عنه بالمعيشة الضنك ولو كثرت أسباب السعادة بين أيديهم فلن يجدوا طعمها قال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. [طه: 123، 124].
والله أعلم.