الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلقيح الصناعي وإن كان بين الزوجين في رحم الزوجة ذاتها ذات البويضة حال قيام الزوجية، قد اختلف فيه أهل العلم، وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد خلافهم هذا في بحثه: طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي ـ المقدم لمجمع الفقه الإسلامي والمنشور في العدد الثالث من مجلة مجمع الفقه ثم قال: مع اتفاق الجميع على أن هذا الطريق يحف به عدد من المخاطر والمحاذير وبيانها على ما يلي ـ فذكر جملة منها، ثم قال: ومن وراء هذه المخاطر مشكلة أثارت ضجة كبرى في الغرب وهي: أنه من مزاولة العملية المذكورة يبقى لدى الطبيب في المختبر مجموعة من البويضات الملحقة مجمدة ـ الأجنة المجمدة ـ تحسبا لفشل العملية ليقوم بإعادتها مرة ثانية وهكذا؟ لكن في حال نجاحها ما هو مصير هذه الأجنة المجمدة، فهو سبيل لنقلها إلى أجنبي عنها وهذا ينسحب عليه الحرمة القطعية، وهذا السبيل محل جدل عنيف بين الكفرة منعا وجوازا!! وهو سبيل إلى إتلافها حال نجاح العملية وهذا أمر مستبعد في عرف الأطباء، لأنها عملية صعبة يتعسر الحصول عليها وتوفيرها يدر أرباحا كبيرة وخاصة في المستشفيات التجارية. اهـ.
فليس الإشكال الوحيد في التحري لعدم اشتباه البويضات بغيرها، ولكن كذلك في التحري عند نجاح العملية للتخلص من البويضات الزائدة وعدم استعمالها لامرأة أخرى، ولذلك سبق أن أشرنا إلى أن اختلاف العلماء في هذه المسألة لاختلافهم في مدى الاطمئنان لبقاء البويضة الملقحة في بنوك الأجنة، دون تعرضها لاختلاط أو عبث أو انتفاع الغير بها، مما يوقع الإنسان في الإثم، أو يعرض نسبه للاختلاط، فإن كان هناك من سبيل للتحفظ من هذه المحاذير، فلا حرج ـ إن شاء الله ـ في تجميد الأجنة، وراجعي الفتوى رقم: 5995.
والله أعلم.