الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن العقيقة سنه مؤكدة، في قول عامة أهل العلم، منهم ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وفقهاء التابعين، وأئمة الأمصار، ولم يخالف في مشروعيتها، إلا أصحاب الرأي، الذين قالوا: إنها من عمل الجاهلية.
وحجة الجمهور: ما رواه مالك في موطئه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له مولود، فأحب أن يعق عنه، فليفعل. والأمر هنا للاستحباب.
وقد درج الصحابة، والتابعون على فعلها، قال أبو الزناد: العقيقة من أمر الناس، كانوا يكرهون تركها.
وقد استحب بعض أهل العلم أن تذبح العقيقة في السابع، فإن لم يمكن، ففي الرابع عشر، فإن لم يمكن، ففي يوم واحد وعشرين.
والأصل فيه؛ حديث سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه. قال الخطابي: اختلف الناس في معنى قوله: كل غلام رهينة بعقيقته، فذهب أحمد بن حنبل إلى أن معناه: أنه إذا مات وهو طفل، ولم يعق عنه، لم يشفع لأبويه. وقيل: المعنى أن العقيقة لازمة، لا بد منها، فشبه لزومها بلزوم الرهن للمرتهن، وعلى هذا سار أهل الظاهر في وجوبها.
وإن ذبحت العقيقة قبل اليوم السابع، أو بعده، أجزأت لحصول المقصود.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يعق عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة؛ لحديث أم كرز قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. أخرجه أبو داود.
وإذا لم يعق عن المولود؛ حتى بلغ، وكسب، فلا عقيقة عليه، وسئل الإمام أحمد عن هذه المسألة، فقال: ذلك على الوالد. يعني: لا يعق عن نفسه؛ لأن السنة على غيره. وقال الشافعي: إن أخرت إلى البلوغ، سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه، لكن إن أراد هو أن يعق عن نفسه، فعل.
وبناء على هذا -أخي السائل الكريم-؛ فإن كان من ذكرت من الأولاد لا يزالون تحت سن البلوغ، فعليك أن تعق عن كل واحد منهم: الغلام شاتان، والجارية شاة.
وأما من كان منهم قد بلغ سن البلوغ، فقد سقطت عنك المطالبة بعقيقته، ولا إثم عليك في تركها، سواء كان ذلك لفاقة أم غيرها، وذلك في أرجح أقوال أهل العلم.
وأما سؤالك هل تجزئ الواحدة عن الأربعة؟
فالجواب عنه: هو أنها لا تجزئ عن أكثر من واحد، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: لا يصح الاشتراك فيها، ولا يجزئ الرأس إلا عن الرأس. وعلل ذلك بأنه لما كانت هذه الذبيحة جارية مجرى فداء المولود، كان المشروع فيها دمًا كاملًا؛ لتكون نفس فداء نفس.
والله أعلم.